من جبل كاترينا الي كاتدرائية سانت كاترين بالاسكندرية لنحتفل بعيد شفيعتها
من جبل كاترينا الي كاتدرائية سانت كاترين بالاسكندرية لنحتفل بعيد شفيعتها
بعد خبر الحج المقدس بجبل كاترين بسيناء احتفلت الكنيسة بعيد القديسة كاترينا الشهيدة شفيعة الكاتدرائية اللاتينية بالاسكندرية و مصر.
“أيّها الآباء الكهنة و الرهبان و الراهبات و الإخوة والأخوات الأحبّاء في المسيح، سلام وخير
بإسم سيادة النائب الرسولي كلاوديو لورلتي مطران اللاتين بالاسكندرية و مصر أتقدم لحضراتكم بأرق و أجمل التهاني في هذا العيد المبارك.
نحتفل مع الكنيسة الكاثوليكية اليوم بعيد القدّيسة كاترينا الإسكندرانيّة، إحدى أبرز شهيدات الإيمان، ونموذجًا فريدًا يجمع بين حكمة العقل وقوّة القلب، لتصبح علامةً مضيئة في تاريخ الكنيسة وشهادة حيّة للمحبّة الكاملة للمسيح.
وهي أيضًا شفيعة المدارس الكاثوليكيّة في النيابة الرسوليّة للاتين بالإسكندريّة، حيث تُكرَّم كحامية للمعرفة وللباحثين عن الحقيقة، ونموذجًا للمربّين والطلاب معًا.
وإنّه لامتياز روحي كبير أن تقع كاتدرائيتنا هنا في قلب مدينة الإسكندريّة القديمة، في المكان ذاته الذي أراقت فيه القدّيسة دمها شهادةً للمسيح. ولا يزال في كنيسة الروم الأرثوذكس بمحطّة الرمل أثر مكرَّم يقال إنّه العمود الذي قُطِعت عليه رأسها، شاهدًا حيًّا على محبّتها للمسيح حتى النهاية.
والجدير بالذكر أن الرهبان الفرنسيسكان قد انشاوا أول كنيسة ودير لها بالاسكندرية في عام 1632 علي يد الأب باولو دا لودي رئيس دير القدس باسم القديسة كاترينا، ونال ايضا بعضهم اكليل الشهادة سنة 1882م ، فنقرأ في مذكرات الأخ فريدريك:
“حضر بعض الهاربين الينا و كانوا أكثر اثارة للقلق وأكثر ايلاما من الاخرين ، لقد شاهدنا كما قال البعض، شنق الفرنسيسكان من نوافذ ديرهم بسانت كاترين! قال شخص أخر: قبل أن اهرب من الاسكندرية، رأيتبعيني رجلا يمسك براهبين، مقيدين بسلاسل ثقيلة! غارقين في دمائهما! يقتادهما الي ساحة القناصل، لذبحهما هناك، بعد أن جعلوهما يتحملان أبشع أنواع التعزيب. وأخيرا تلقينا رسالة من الأب المحترم متي رئيس الدير، يخبرنا أنهم ما زالوا علي قيد الحياة وأنهم نجوا بمعجزة حقيقية.”
وظل الرهبان يسكنوه حتي القرن التاسع عشر، حيث اهداهم محمد علي هذه الارض الحالية سنة 1834 و تم تدشين الكاترائية 25 نوفمبر 1850 يعني اننا اليوم نحتقل ب 175 عام علي تدشينها.
ويوم السبت الماضي, قامت مطرانيّتنا بحجّ مقدّس إلى دير القدّيسة كاترينا في جبل سيناء، فحملنا أمامها صلواتكم ونواياكم، وذلك في إطار مسيرتنا الروحيّة لعيش يوبيل الرجاء الذي يجمعنا هذا العام حول معنى الثبات في الإيمان والرجاء المتجدد.
عاشت كاترينا في الإسكندريّة، المدينة التي كانت مركزًا للثقافة والفلسفة والعلم. وقد نالت نصيبًا عظيمًا من المعرفة والحكمة البشريّة. غير أنّ هذا كله لم يكن ليملأ قلبها مثلما فعل لقاؤها بالربّ يسوع، حكمة الآب الأزليّة ونوره الحقيقي. فعندما انفتحت على إنجيل المسيح، أدركت أنّ كل معرفة لا تقود إلى المحبّة الإلهيّة تبقى ناقصة، وأنّ كل علم لا ينفتح على نور الله يبقى محدودًا وضعيفًا.
وقفت كاترينا بشجاعة أمام الإمبراطور وحكماء عصرها، لا دفاعًا عن ذاتها، بل عن كرامة الإنسان وحرّيّة الإيمان وحقّ الحقيقة في أن تُعلَن بلا خوف. لم تتراجع أمام التهديدات ولا أمام العذابات، لأن قلبها كان ثابتًا في المسيح، وممتلئًا من روحه. لقد حوّلت شجاعتها القلوب، وبكت شهادتها القويّة عروش المتكبّرين، وما تزال كلمتها ترنّ في ضمائر المؤمنين إلى اليوم.
وتعلّمنا القدّيسة كاترينا أنّ الإيمان لا يناقض العقل، بل ينيره ويرفعه. وتذكّرنا أنّ كل دعوة – سواء في الدراسة أو العمل أو الخدمة أو العائلة – تصبح خصبة ومقدّسة عندما تُعاش في اتحاد عميق مع الربّ. وهي تدعونا أيضًا ألا نخاف من إعلان الرجاء الذي في قلوبنا، ولو في عالم يفضّل الصمت على الحقيقة.
فلنطلب اليوم شفاعة هذه الشهيدة المجيدة وشفيعة مدارسنا الكاثوليكيّة:
أن تمنح شبابنا شجاعة البحث عن الحقيقة ومحبة الحكمة؛
وأن ترافق المسؤولين عن التربية والتعليم ليجعلوا من مدارسنا أماكن تنمو فيها المعرفة والإيمان معًا؛
وأن تبارك أبناءنا وبناتنا الطلّاب، ليكونوا نورًا في عائلاتهم وكنيستهم ومجتمعهم.
ولترشد الاباء رهبان و شعب هذه الرعية و كنيستنا في الإسكندرية وفي سائر مصر لتبقى شاهدة للإنجيل بحرّيّة ووداعة وفرح. فيكون كل منا علامة رجاء لكل من يتقابل معنا.
وليثبّت الربّ، بشفاعة القدّيسة كاترينا، إيماننا، ويقوّي عزيمتنا في التجارب، ويجعل حياتنا نورًا ينقل محبّته إلى الجميع.
آمين.
من عظة المنسينيور أنطوان توفيق نائب مطران اللاتين بمصر




